من أزمة الثقة إلى ولادة قانون LSRF: جذور الإصلاح المالي في تونس
قبل أكثر من عشرين سنة، كانت الثقة في التقارير المالية تهتزّ على مستوى العالم. فضائح كبرى مثل «إنرون» و«وورلدكوم» كشفت هشاشة أنظمة الرقابة والمحاسبة، وأظهرت تورط مكاتب تدقيق دولية في التلاعب بالأرقام. لم تكن تونس بمنأى عن هذا السياق، إذ شهدت هي الأخرى حالات مشابهة على المستوى الوطني، ما أثار تساؤلات حول فعالية الرقابة القانونية على الشركات.
في هذا المناخ، وُلد قانون سلامة المعاملات المالية (LSRF) الذي صدر سنة 2005 ليشكّل نقطة تحوّل في المشهد المالي التونسي. جاء القانون ليعيد تنظيم مهنة مراقبة الحسابات ويعزّز استقلالية المدققين، بعد سنوات من غياب الضوابط الواضحة وضعف التنسيق بين المتدخلين في السلسلة المالية.
يرتكز القانون على سبعة أسس رئيسية، أبرزها:
إلزامية تعيين مراقبي حسابات معتمدين في الشركات الكبرى.
تحديد معايير الاستقلالية المهنية ومنع تضارب المصالح.
تنظيم العلاقة بين مراقبي الحسابات والهيئات الرقابية مثل البنك المركزي وهيئة السوق المالية.
إدخال آلية “التناوب” لتفادي الاعتياد بين الشركة والمراجع.
بهذا، لم يكن الـLSRF مجرد تعديل قانوني، بل إصلاحًا هيكليًا أعاد بناء الثقة بين السوق والمستثمرين، ورسّخ مبدأ الشفافية كأحد أعمدة الاقتصاد الحديث.
بعد عقدين، يظل هذا القانون علامة فارقة في تاريخ الحوكمة المالية بتونس، وأساسًا لكل تطور لاحق في مهنة التدقيق.