الهيئة الوطنية للمحامين بتونس: مسيرة من النضال والريادة منذ الاستقلال
تُعدّ الهيئة الوطنية للمحامين بتونس من أبرز المنظمات المهنية في البلاد، إذ لعبت منذ تأسيسها دورًا وطنيًا ومحوريًا في الدفاع عن الحقوق والحريات، والمساهمة في بناء الدولة التونسية الحديثة بعد الاستقلال سنة 1956.
وقد تعاقب على عمادة الهيئة عدد من الشخصيات القانونية البارزة، التي ساهمت في ترسيخ مكانة المحاماة كدعامة أساسية من دعامات العدالة والحرية.
منذ سنة 1958، افتتح الأستاذ الشاذلي الخلادي قائمة العمداء الأوائل، ليتواصل المشعل بعده مع نخبة من رجالات القانون، على غرار عبد الرحمن عبد النبي (1961-1963) والبحري قيقة (1963-1965) ومحمد شقرون (1965-1967)، الذين وضعوا اللبنات الأولى لتنظيم المهنة بعد الاستقلال.
وفي أواخر الستينات، تولى العميد توفيق بن الشيخ العمادة مرتين (1967-1969 و1971-1973)، تخللتها فترة العميد عز الدين الشريف (1969-1971)، ثم واصل المسيرة محمد بللونة (1973-1975) وفتحي زهير(1975-1977).
في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، برز اسم العميد الأزهر القروي الشابي (1979-1983)، الذي عُرف بمواقفه الوطنية، تلاه العميد منصور الشفي (1983-1992) الذي قاد الهيئة في مرحلة حساسة من تاريخ البلاد. ثم جاء العميد عبد الوهاب الباهي (1992-1998) الذي عمل على تطوير الإطار القانوني والتنظيمي للمهنة، تلاه عبد الجليل بوراوي (1998-2001)، ثم البشير الصيد في فترتين (2001-2004 و2007-2010) المعروفتين بنشاطهما الحقوقي والسياسي.
شهدت الهيئة في العقدين الأخيرين حضور أسماء بارزة، من بينها عبد الستار بن موسى (2004-2007)، وعبد الرزاق الكيلاني (2010-2012) الذي كان أحد رموز ثورة 2011، ثم شوقي الطبيب (2012-2013) ومحمد الفاضل محفوظ (2013-2016) وعامر المحرزي (2016-2019).
وفي مرحلة ما بعد الثورة، واصل العمداء اللاحقون الدفاع عن استقلال القضاء ودور المحاماة في الانتقال الديمقراطي، وهم إبراهيم بودربالة (2019-2022) وحاتم المزيو (منذ 2022 -2025) ومؤخرًا تم انتخاب الأستاذ بوبكر بالثابت في منصب عميد المحامين التونسيين للفترة 2025-2028.
تختزل هذه المسيرة الطويلة ستة عقود من العمل المتواصل والعطاء الوطني، حيث مثّل كل عميد مرحلة مميزة في تاريخ الهيئة، جامعًا بين النضال المهني والدفاع عن المبادئ الكبرى للحرية والعدالة.

