أخباربيئة

التغيّر المناخي يهدد مستقبل تونس: من البحر إلى الصحراء

تواجه تونس، كغيرها من بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، تحديات متزايدة جرّاء التغير المناخي، الذي بات يهدد الأمن البيئي والمائي والغذائي في البلاد، من موجات الحرّ والجفاف المتكررة إلى تراجع الموارد الطبيعية وازدياد الظواهر المناخية، وأصبحت آثار التغير المناخي واقعًا ملموسًا يفرض على تونس إعادة النظر في سياساتها البيئية والتنموية.

ومن أبرز مظاهر التغير المناخي في تونس ارتفاع درجات الحرارة حيث تشير الإحصائيات إلى أن تونس شهدت ارتفاعًا تدريجيًا في درجات الحرارة خلال العقود الثلاثة الماضية، مع تسجيل موجات حر غير مسبوقة خصوصًا في فصل الصيف، أثّرت على الإنتاج الفلاحي وعلى حياة السكان، إضافة إلى الجفاف وتراجع الموارد المائية حيث تعاني البلاد من فترات جفاف طويلة ومتكررة، مما يؤدي إلى نقص في المياه الجوفية والسدود، ويؤثر على الزراعة والشرب والصناعة.

وبسبب قلة التساقطات وتدهور التربة، تتوسع ظاهرة التصحر، خاصة في المناطق الداخلية والجنوبية، وهو ما يهدد الأمن الغذائي، أما المدن الساحلية فتعاني المدن الساحلية مثل صفاقس، المنستير، وجزء من العاصمة تونس معرضة لتآكل الشريط الساحلي وتهديد البنية التحتية نتيجة ذوبان الجليد وارتفاع منسوب البحار.

في المقابل، تشهد تونس تقلبات حادة في الطقس، حيث تسجل فيضانات مفاجئة في فترات قصيرة، مخلفة خسائر بشرية ومادية كبيرة كما حدث في نابل (2018) وسليانة والقيروان في السنوات الأخيرة.

ومن بين الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للتغير المناخي، تهديد الأمن الغذائي من خلال ضعف الإنتاج الفلاحي بسبب الجفاف والتغيرات المناخية يهدد التزويد بالحبوب والخضر إضافة إلى ندرة المياه بسبب ارتفاع الطلب على المياه يقابله انخفاض في الموارد، ما يسبب توترًا بين القطاعات والنزوح البيئي المحتمل فتصبح بعض المناطق غير صالحة للسكن مستقبلاً بسبب التصحر أو الفيضانات فضلا عن ارتفاع كلفة التأقلم حيث تحتاج تونس إلى استثمارات كبيرة للتكيّف مع هذه التحولات، وهو ما يشكل عبئًا على الاقتصاد.

ولمواجهة هذه التغيرات، أطلقت تونس الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية (2021–2035) التي تهدف إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، وتعزيز قدرة البلاد على التكيف مع آثار التغيرات المناخية، وضمان التنمية المستدامة وتعزيز قدرة تونس على التكيف مع الآثار المحتملة لتغير المناخ، مثل ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط الأمطار، وارتفاع مستوى سطح البحر، من خلال اتخاذ تدابير في قطاعات مختلفة مثل الزراعة والموارد المائية والساحلية.

هذا وأطلقت وزارة البيئة الخطة الوطنية للسياسة المناخية-المساهمات المحددة وطنيا والتي تعتبر خطة وطنية متكاملة تحدد السياسات والاستراتيجيات الوطنية في جميع القطاعات منها القطاع الافقي الذي يتعلق أساسا بحوكمة تغير المناخ وبالإطار القانوني والإطار المؤسساتي ثم الإطار القطاعي الذي يتضمن القطاع الفلاحي او الصناعي والنفايات وجميع القطاعات المتعلقة بالتغيرات المناخية.

كما تتعلق الخطة بتحيين الأهداف والسياسات وتحسين الحوكمة في مجال التغيرات المناخية والإطار القانوني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *