الماء: رأس مال يجب استثماره لضمان التنمية المستدامة
في إطار أنشطة مركز التغيرات المناخية، نظم المعهد العربي لرؤساء المؤسسات (IACE) أمس أول فعالية بعنوان:» شبكة الفرص: المرونة والمياه، مفاتيح الغد «التي تناولت القضايا المتعلقة بضغط المياه في تونس وتأثيره على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي هذا الإطار قدّمت السيّدة آمال جراد، الدكتوره في علم الأحياء المائية من جامعة Paul Sabatier في تولوز دراسة تحت عنوان الماء، رأس مال يجب استثماره: استراتيجيات وفرص، و لطالما كان الماء يُنظر إليه على أنه مجرد خدمة عامة منخفضة التكلفة، مورد متاح دائمًا، وفاتورة تُدفع في نهاية الشهر، لكن الواقع المائي في تونس وحول العالم يفرض إعادة التفكير بهذه النظرة التقليدية، فالتحديات البيئية والمناخية، مثل الندرة المائية المتزايدة، تلوث الموارد، وزيادة الطلب نتيجة النمو السكاني والنشاط الاقتصادي، جعلت من اعتبار الماء مجرد تكلفة أمرًا غير عملي ومخاطرة حقيقية للأمن الاقتصادي والاجتماعي.
الماء كرأس مال طبيعي ومالي
وبيّنت الدراسة أن الماء ليس مجرد تكلفة تشغيلية؛ إنه رأس مال طبيعي يدعم كل الأنشطة الاقتصادية. ففي الزراعة، يعد رأس المال المائي أساسًا للإنتاج، والمحاصيل، والثروة الحيوانية. في الصناعة، يعتمد الإنتاج والتبريد والتنظيف على توفر المياه، حيث أن انقطاع الإمداد قد يشل المصانع ويسبب خسائر كبيرة. في قطاع الطاقة، تعتمد محطات الكهرباء الحرارية والمائية على الماء للتبريد وإنتاج الطاقة.
كما ذكرت أن الاستمرار في اعتبار الماء تكلفة قصيرة المدى يؤدي إلى قرارات خاطئة وتأجيل صيانة الشبكات يؤدي إلى فواقد هائلة، عدم الاستثمار في تقنيات الترشيد يزيد من ضعف القدرة على مواجهة ندرة المياه، ومعالجة التلوث بعد وقوعه تهدر رأس المال المائي، كما أن الحفاظ على أسعار منخفضة بدون مراعاة الندرة الحقيقية يشجع الهدر ويثبط الاستثمار في الحلول المستدامة.
ولمواجهة هذه التحديات، يجب الانتقال من رؤية الماء كتكلفة إلى رؤيته كرأس مال نشط. ويشمل ذلك:
إدارة استباقية للمخاطر المائية،
الاستثمار في الكفاءة والابتكار،
حماية الموارد من التلوث،
تطوير سياسات مالية وتشريعية تحفز على الاستثمار المستدام في المياه.
في تونس، أظهرت التجارب العملية استراتيجيات متنوعة للمزارعين:
الهجومية: تنظيف وتعميق الآبار سنويًا واعتماد تقنيات ترشيد المياه.
الدفاعية: تعديل نظم الزراعة واختيار أصناف أقل استهلاكًا للمياه، وتقليل المساحات المروية.
الانكماشية: تقليص المساحات المروية بشكل قسري لمواجهة نقص المياه.
كما أطلقت الحكومة استراتيجية ماء 2050 بخطة طويلة الأمد وميزانية كبيرة لتأمين المياه وتطوير مشاريع التحلية وإعادة الاستخدام لضمان الاستدامة.

